كشفت السلطات السودانية عن تفاصيل مثيرة بشأن شبكة خطيرة لتزوير مستندات الوارد والبوليصة في مطار بورتسودان الدولي، فيما تمكن وسيط تخليص جمركي غير مرخّص يدعى (ج.ا) من الهروب إلى دولة الإمارات، بعد أن فضحت الصحفية رشان أوشي القضية بمقال مدوٍّ حمل عنوان “في سرداب الفساد”.
وألقت السلطات القبض على عدد من المشتبه بهم بينهم موظفون في الجمارك والتعريفة الجمركية، بينما حاول أحدهم طمس الأدلة بحذف الملفات من جهازه. التحقيقات الأولية أظهرت أن الشبكة كانت تستخدم أسلوباً منظماً في التزوير عبر تعديل بيانات البوليصة (B/L) وإعادة إدخال شهادات استيراد (IM) مزورة إلى النظام، رغم أن أرقام هذه النماذج يجب أن تكون متسلسلة وغير قابلة للتكرار.
قضية التزوير انكشفت بعد وصول باخرة “سكر” إلى الميناء، حيث تبين أن استمارة استيرادها مرتبطة في الوقت نفسه بشحنة أجهزة إلكترونية دخلت عبر المطار. الأمر دفع الجمارك إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق، اكتشفت بدورها أكثر من (30) شهادة مزورة أهدرت ملايين الجنيهات من عائدات الدولة.
غير أن المفاجأة كانت في توقف أعمال اللجنة فجأة، رغم إقرار السمسار (ج.ا) باستخدام النماذج المزورة، وهو ما أثار تساؤلات واسعة حول وجود حماية نافذة للشبكة.
خبراء اقتصاديون حذروا من أن استمرار هذه الممارسات يقوض الرقابة المصرفية على العمليات التجارية ويفقد بنك السودان السيطرة على إدارة النقد الأجنبي، بما يفاقم أزمة العملة ويُسرع وتيرة الانهيار الاقتصادي.
وتؤكد هذه الحادثة أن أزمة الضمير الوطني باتت أخطر من آثار الحرب نفسها، وتبرز الحاجة الماسة إلى إصلاح مؤسسات الدولة، وبسط سيادة حكم القانون، ومحاربة الفساد الذي يهدد بتمزيق ما تبقى من ركائز الاقتصاد السوداني.
