
طلب بنك إنجلترا من عدد من البنوك الكبرى تقييم قدرتها على الصمود أمام صدمات تمويلية مرتبطة بالدولار الأمريكي، في خطوة تعكس تنامي القلق الأوروبي من تآكل الثقة بالدولار كمرتكز للاستقرار المالي العالمي، وسط تحولات جذرية في السياسة الأمريكية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب.
وكشفت مصادر مطلعة أن هيئة التنظيم الاحترازي التابعة للبنك طلبت من بعض المقرضين إجراء اختبارات داخلية لخطط التمويل بالدولار، بما يشمل احتياجات السيولة قصيرة الأجل، بل إن أحد البنوك العالمية طُلب منه محاكاة سيناريو يتضمن جفافاً كاملاً في سوق مقايضات الدولار، ما يمثل تحوّلًا كبيرًا في نظرة المنظمين لاحتمالية حدوث أزمة سيولة عالمية.
ويُعد الدولار شريان الحياة للنظام المالي الدولي، حيث يُهيمن على حركة التجارة وتدفقات رؤوس الأموال. لكن الانحرافات المتزايدة في السياسة الأمريكية، خاصة في مجالات التجارة والدفاع، دفعت صناع القرار حول العالم لإعادة التفكير في مدى الاعتماد على العملة الأميركية كمصدر مضمون للسيولة.
وقال جون كرونين، المحلل في «سي بوينت إنسايتس»: “الثقة في التعاون الدولي تتآكل”، في إشارة إلى المخاوف المتزايدة بشأن تراجع قدرة الدولار على أداء دوره كعملة ملاذ في أوقات الأزمات.
ويزيد من حدة هذه المخاوف استمرار الرئيس ترامب في توجيه انتقادات علنية لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بل وتكهنات حول إمكانية إقالته، ما يثير شكوكاً بشأن استقلالية البنك المركزي الأميركي ويهدد الثقة في النظام المالي العالمي.
وتشير بيانات بنك التسويات الدولية إلى أن القيمة الاسمية لمشتقات العملات بلغت 130 تريليون دولار بنهاية 2024، نحو 90% منها مقومة بالدولار، بينما يتجاوز حجم سوق المبادلات اليومية بالدولار 4 تريليونات دولار، ما يعكس مدى الاعتماد العالمي على هذه العملة.
ورغم أن البنوك لا تزال تمتلك بعض أدوات إدارة النقص المؤقت في الدولار، إلا أن منظمين ماليين في أوروبا وسويسرا يحذرون من أن دعم واشنطن قد لا يكون مضمونا في حال نشوء أزمة عالمية، على عكس ما كان يُفترض سابقاً.
ويعيد هذا التحرك إلى الأذهان اختبارات الضغط التي أجراها بنك إنجلترا في 2019، لكن المستجدات الجيوسياسية الراهنة والتقلبات في واشنطن تؤكد أن الزمن قد تغيّر، وأن “الدولار لم يعد كما كان”.