
كشف تحقيق استقصائي نُشر على مدونة “المخالفون العالميون” عن أبعاد مثيرة لدور الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في دعم حكومة رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، عبر تمويل سري لعمليات إعلامية مرتبطة بشركة بريطانية تُدعى “فالنت بروجكتس” (Valent Projects).
التحقيق الذي أعدّه الصحفي البريطاني كيت كلارنبرج، أشار إلى أن الدعم تمّ عبر مكتب خدمات الانتقال التابع لـ USAID (OTI)، تحت غطاء “مكافحة المعلومات المضللة”، لكن المهام الحقيقية للشركة تجاوزت ذلك بكثير، لتشمل مراقبة المحتوى السوداني على الإنترنت، والتأثير على الرأي العام، واستهداف المعارضين لحكومة حمدوك.
وبحسب التقرير، أنشأ المكتب الإعلامي الأمريكي مكاتب داخل عدة ولايات سودانية بالتنسيق مع وزارات الحكومة الانتقالية، حيث تم الترويج لرسائل دعائية تعكس توجهات سياسية محددة، مستغلًا حالة الاضطراب السياسي التي أعقبت سقوط نظام عمر البشير في أبريل 2019.
وثائق مسربة كشفت أن شركة “فالنت” تلقت أكثر من مليون دولار من الوكالة الأمريكية، دون إدراج هذه الأموال في السجلات الرسمية للشركة، ما أثار تساؤلات حول طبيعة الأنشطة التي كانت تُموّل بسرية.
استمر التعاون بين “فالنت” و”USAID” حتى سقوط حكومة حمدوك في أكتوبر 2021، بعد تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية التي فجّرت احتجاجات شعبية واسعة، واتهامات للسلطة بممارسات قمعية وفرض رقابة مشددة على الإعلام.
ومن التطورات اللافتة التي أوردها التحقيق، قيام شركة “ميتا” (فيسبوك سابقاً) في يونيو 2021 بحذف شبكة من الحسابات السودانية تضم 53 حساباً و51 صفحة و3 مجموعات و18 حساباً على إنستغرام، بناءً على تقارير مقدمة من “فالنت”، بحجة نشر معلومات مضللة. فيما نفى أصحاب هذه الحسابات تلك التهم، مؤكدين أنهم كانوا يعبرون عن آراء سياسية معارضة فقط.
وسلط التقرير الضوء أيضاً على خلفية المدير التنفيذي لشركة “فالنت”، أميل خان، الذي سبق له العمل على مشاريع إعلامية لصالح وكالات استخباراتية مثل CIA وMI6 خلال الحرب في سوريا، ويُعتقد أنه استخدم ذات الأساليب لاحقاً في أوكرانيا.
ويطرح هذا التحقيق تساؤلات خطيرة حول مدى استقلالية القرار السوداني خلال الفترة الانتقالية، والتأثير الخفي الذي مارسته جهات خارجية عبر أدوات إعلامية وسيبرانية. ويرى مراقبون أن مثل هذه التدخلات تشكل تهديداً للسيادة الوطنية، وتستدعي إعادة تقييم شاملة لسياسات التعاون الدولي، لا سيما تلك التي تمس تشكيل الوعي والرأي العام.